مشروع سعودي ثوري: "مراوح نفاثة بالرذاذ" لتبريد الرياض وتقليل الغبار
في خطوة غير مسبوقة تعكس رؤية الرياض نحو التحول إلى مدينة ذكية ومستدامة، كشفت مصادر مطلعة عن تفاصيل مشروع بيئي جديد يحمل اسم "نظام التبريد البيئي بالرذاذ عبر مراوح نفاثة ذكية"، والذي يهدف إلى خفض الإحساس بدرجات الحرارة المرتفعة في العاصمة السعودية خلال فصل الصيف، ويعتمد المشروع على تركيب مراوح نفاثة ضخمة تقوم ببث رذاذ المياه في الهواء من مواقع مرتفعة، مثل أسطح الأبراج والمآذن والمنشآت العامة، بهدف تبريد الجو المحيط وتحسين جودة الهواء.
تشغيل يومي يتزامن مع ذروة الحرارة
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها "تريندي نيوز"، فإن المراوح ستُشغّل لمدة ثلاث ساعات يوميًا خلال أوقات الذروة، إما في فترة الظهيرة أو المساء، تزامنًا مع تسجيل أعلى درجات حرارة في اليوم. ومن المتوقع أن تساهم هذه الخطوة في تقليل الشعور بحرارة الجو لدى المشاة والسكان في الشوارع والساحات المفتوحة، لاسيما في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية والنشاط التجاري المكثف.
نظام ذكي مستدام يعتمد على المياه المعالجة
يعتمد النظام على مراوح نفاثة عالية الضغط مزوّدة بآليات دقيقة لرش الرذاذ في الهواء، وتعمل باستخدام "المياه الرمادية"، وهي مياه معالجة غير صالحة للشرب، ما يُعد خيارًا بيئيًا ذكيًا لتقليل استهلاك المياه العذبة. كما سيجري ربط النظام بحساسات ذكية تقيس درجات الحرارة والرطوبة بشكل مستمر، مما يسمح بتشغيل وإيقاف المراوح تلقائيًا وفقًا للظروف المناخية المحيطة. ويُخطط أيضًا لاستخدام الطاقة الشمسية في بعض المواقع لتقليل الضغط على شبكة الكهرباء وتعزيز الكفاءة البيئية.
المواقع المستهدفة لتركيب المراوح
ستُركّب المراوح النفاثة على أسطح الأبراج الواقعة في المناطق المركزية لمدينة الرياض، بالإضافة إلى مآذن المساجد الكبرى التي تتيح ارتفاعًا مثاليًا لبث الرذاذ على نطاق واسع. كما تشمل الخطة مواقع عامة رئيسية مثل البوليفارد، وساحة مسجد الراجحي، وطريق الأمير محمد بن سلمان، والتي تُعد من أبرز الأماكن التي تشهد حركة مستمرة من المشاة والزوار.
ويسعى المشروع إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، على رأسها تخفيف تأثير "الجزر الحرارية" التي تنتج عن تمدد الإسفلت والمباني في المدينة، وتحسين راحة المشاة من خلال خفض درجات الحرارة المحسوسة. كما يساهم بث الرذاذ في تقليل نسب الغبار والعوالق في الجو، مما يؤدي إلى تحسين جودة الهواء وتقليل الأضرار التي قد تصيب الجهاز التنفسي لدى السكان، خاصة كبار السن والأطفال. ويُضاف إلى ذلك بُعد جمالي جديد تعكسه المراوح في المشهد الحضري للمدينة.
مرحلة تجريبية أولى قبل التوسّع الكامل
وفق التوصيات التي صدرت عن الجهات التنفيذية، سيبدأ المشروع بمرحلة تجريبية تستمر لمدة ثلاثة أشهر في ثلاث مناطق مختارة، تشمل ممشى البوليفارد، وساحة مسجد الراجحي، وطريق الأمير محمد بن سلمان. وتهدف هذه المرحلة إلى قياس أثر النظام على الإحساس الحراري، وجودة الهواء، وسلوك المشاة، إضافة إلى رصد مدى تقبّل السكان والزوار للفكرة قبل التوسع في تعميمها على باقي أنحاء الرياض.
ويأتي هذا المشروع ضمن جهود أمانة منطقة الرياض والمبادرات البيئية المرتبطة برؤية السعودية 2030، والتي تهدف إلى تعزيز جودة الحياة، وتحسين الخدمات في الفضاءات العامة، وجعل المدن السعودية أكثر ملاءمة للعيش في ظل الظروف المناخية القاسية. ويُتوقع أن يُحدث هذا المشروع نقلة نوعية في كيفية تعامل المدن الخليجية مع التغير المناخي، ويجعل من الرياض نموذجًا متقدمًا للمدن الذكية في المنطقة.