ألوان

حقيقة تلبّس الجن بالإنسان.. خرافة شعبية أم واقع روحي؟

تريندي نيوز

في زمن تتداخل فيه المعتقدات الشعبية مع المفاهيم الطبية والعلمية الحديثة، يظل موضوع "تلبّس الجن للإنسان" من أكثر القضايا إثارة للجدل، لاسيما في المجتمعات العربية والإسلامية. فبين من يراه حقيقة لا تقبل الشك مدعومة بالنصوص الدينية، ومن يصفها بأنها انعكاس لحالات نفسية معقّدة، تتشعب الأسئلة ويزداد الحَيرة: هل الجن يتلبّسون البشر حقًا؟ وهل ما نشهده من حالات غريبة في العيادات النفسية هو مرض أم مسّ شيطاني؟

 

الجن بين الإيمان والعلم: جدلية قديمة تتجدد

وجود الجن من المسلّمات في العقيدة الإسلامية، ويأتي ذكرهم في مواضع متعددة من القرآن الكريم، أبرزها في سورة الجن التي تؤكد أنهم خلقوا من مارج من نار، ولهم قدرات تختلف عن البشر.

لكن قضية تلبّس الجن بالإنسان لا تزال محل خلاف حتى بين علماء الشريعة، وإن كان جمهور العلماء يرون بإمكان ذلك استنادًا إلى آيات وأحاديث، منها:

"الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس" (البقرة: 275).

كما أشار ابن تيمية إلى إمكانية دخول الجن بدن الإنسان، وفسّر به حالات الصرع أو التصرّف اللاإرادي.

 

🧬 الطب الحديث: "المسّ" تحت المجهر

على النقيض، يرى الطب النفسي أن مظاهر "التلبّس" التي تشمل نوبات عنف أو فقدان للوعي أو تغيّر في الصوت، تندرج غالبًا ضمن اضطرابات مثل:

 

الفصام (الشيزوفرينيا)

اضطراب الهوية التفارقي

نوبات الصرع أو الهستيري

ويؤكد أطباء مختصون أن المرضى الذين يدّعون "المسّ" غالبًا ما يستجيبون للعلاج النفسي والعقاقير، وهو ما يعارض فرضية التلبّس كسبب رئيسي.

 

📌 الرقية الشرعية.. علاج روحي أم بديل نفسي؟

في الوقت الذي ينقسم فيه الرأي العلمي والديني، تبرز "الرُقية الشرعية" كوسيلة علاجية تلقى قبولًا واسعًا لدى البعض، بشرط أن تتم على يد أشخاص موثوقين يتّبعون السنة النبوية، ويبتعدون عن الشعوذة أو استغلال الحالات المرضية لتحقيق مكاسب شخصية.

 

✅ الرأي المتوازن: نحو فهم مشترك

يرى كثير من الباحثين أن الجمع بين العلاج الطبي والروحاني قد يكون الخيار الأمثل، خاصة في المجتمعات التي تؤمن بالجن وتخشى المسّ. فالإسلام لا يمنع من التداوي بالأسباب، ولا يعارض عرض الحالات على الأطباء، مع الإيمان بأن بعض الظواهر قد تكون خارقة للطبيعة في حالات نادرة.

 

وجود الجن حقيقة دينية لا جدال فيها.

تلبّسهم للإنسان لا يمكن نفيه أو إثباته بشكل قاطع، ولكنه يحتاج إلى وعي ديني وعلمي لتفسير الظواهر دون تهويل.

لا يجوز ربط كل سلوك غير طبيعي بالمسّ، ويجب استبعاد الأسباب النفسية والعصبية أولًا.

التوازن بين الرُقية الشرعية والعلاج النفسي قد يكون المنهج الأمثل.

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى