أخبار

انهيار الريال في عدن واستقراره في صنعاء: الحرب اليمنية تتجاوز الساحات العسكرية لتشتعل في الأسواق المالية

ما تزال العملة اليمنية تشهد انقسام حاد في المناطق الشمالية والجنوبية، حيث انهار الريال 51% في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً خلال عام واحد، بينما حافظ على استقراره النسبي في مناطق سيطرة جماعة الحوثيين، ما يعكس استراتيجيات اقتصادية متباينة في إدارة الأزمة المالية وسط الصراع اليمني المستمر.

وارتفع سعر صرف الدولار الأمريكي من 1890 ريال في يوليو 2024 إلى 2865 ريال في يوليو 2025 في مناطق الحكومة الشرعية، مقابل تراجع طفيف في مناطق الحوثيين من 524 إلى 534 ريال للدولار الواحد خلال نفس الفترة. ويشير الخبراء الاقتصاديون إلى أن هذا التباين يعكس أثر السياسات النقدية المختلفة والضوابط الاقتصادية على استقرار العملة، ويضاعف من معاناة المواطنين في مناطق الشرعية نتيجة المضاربة والتلاعب بأسعار الصرف.

واتخذ البنك المركزي في عدن إجراءات صارمة ضد شركات الصرافة المخالفة، حيث تم سحب تراخيص 23 شركة بين 29 يوليو و6 أغسطس 2025، وإغلاق مقراتها بمشاركة قوات مكافحة الإرهاب، ما أدى إلى تحسن نسبي في قيمة اللاير من 2800 إلى 1630 ريال للدولار. كما وافقت اللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات على 91 طلبًا بقيمة 39.7 مليون دولار، بهدف تنظيم عمليات الاستيراد وتوفير العملة الأجنبية بشكل منظم.

في المقابل، يعتمد البنك المركزي في صنعاء على ضوابط صارمة وإجراءات قمعية ضد البنوك وشركات الصرافة التي تتعامل مع مناطق الحكومة، ما ساهم في الحفاظ على استقرار العملة نسبياً، رغم الضغوط المالية الدولية على الجماعة، ومنها فقدان أموالها في مؤسسة "القرض الحسن" اللبنانية وحظر نشاطها من قبل بنوك عراقية بالتنسيق مع واشنطن.

تشير التحليلات إلى أن الحرب الاقتصادية بين الحكومة المعترف بها دولياً وجماعة الحوثيين تكاد تكون بنفس أهمية الحرب العسكرية، حيث تسعى كل جهة للسيطرة على الموارد المالية والنقدية كأداة حاسمة لفرض النفوذ. وفي هذا السياق، تعمل الولايات المتحدة والحكومة اليمنية على إصلاحات مالية شاملة لتجفيف منابع تمويل الحوثيين، وتشمل مراقبة مصادر طباعة العملة والحد من المضاربات عبر فارق الصرف والتحويلات بين المناطق.

وتجاوزت تداعيات الانقسام النقدي الأرقام المجردة لتطال حياة المواطنين اليومية، حيث يضطر السكان في مناطق الحوثيين لدفع رسوم وجبايات إضافية لتغطية احتياجات الجماعة، بينما يواجه سكان مناطق الحكومة صعوبات اقتصادية نتيجة تقلبات الأسعار والمضاربة على الدولار.

ويشير خبراء الاقتصاد إلى أن "السيطرة على الأدوات المالية والنقدية أصبحت عاملاً حاسماً في تحديد موازين القوى في اليمن"، مؤكدين أن تضافر الجهود الدولية والإقليمية لدعم الحكومة الشرعية يشكل ضغطاً كبيراً على الحوثيين، وقد يفرض عليهم خيارات صعبة بين الانخراط في العملية السياسية أو الاستمرار في حرب تمويلية غير مستدامة.

زر الذهاب إلى الأعلى