بقرار مفاجئ.. "هائل سعيد أنعم" تعلن تخفيضات واسعة بعد تحسن الريال اليمني: هل هي بداية لانفراج اقتصادي أم استجابة ظرفية؟
في خطوة مفاجئة أثارت ارتياحًا شعبيًا واسعًا، أعلنت مجموعة هائل سعيد أنعم—أكبر تكتل اقتصادي في اليمن—عن سلسلة من التخفيضات الكبيرة على معظم منتجاتها الغذائية، في استجابة مباشرة لتحسن سعر صرف الريال اليمني الذي شهد قفزة ملحوظة خلال الأيام الماضية بعد أشهر من الانهيار.
وبحسب بيان رسمي صادر عن المجموعة، فقد وصلت نسبة التخفيضات الجديدة إلى 35% على أغلب السلع الأساسية المنتجة محليًا، باستثناء منتجي الزبادي والحقين، حيث اقتصرت التخفيضات عليهما على 25% فقط، رغم كونهما من بين المنتجات الأكثر رواجًا وانتشارًا في السوق اليمني. ولم تُفصح المجموعة عن أسباب هذا الاستثناء، ما أثار تساؤلات بين المستهلكين والمراقبين الاقتصاديين.
خلفية اقتصادية.. الريال ينتعش والشارع يتنفس
قرار المجموعة يأتي بعد ساعات فقط من تحذير شديد اللهجة أصدرته تجاه "إجراءات غير مدروسة" قد تؤدي إلى اضطرابات تموينية خطيرة، وتهدد بانهيار سلاسل التوريد. التحذير جاء في وقت بدأت فيه العملة الوطنية بالتعافي، إذ انخفض سعر الدولار من قرابة 3000 ريال يمني في السوق السوداء إلى نحو 1618 ريالًا للشراء و1634 للبيع، وهو تحسن لم تشهده الأسواق منذ أشهر طويلة.
ووفق مصادر مقربة من المجموعة، فإن القرار جاء استنادًا إلى تقييم داخلي مفصل للتغيرات الأخيرة في سعر الصرف، ومدى تأثيرها على تكاليف الإنتاج والاستيراد، وسط سعي واضح لتفادي سيناريو "الانفلات السعري" الذي عاشته البلاد في فترات سابقة، ودفع فيها المواطن الثمن الأكبر.
هل تنخفض الأسعار حقًا؟ أم هو تخفيف ضغط مؤقت؟
رغم الترحيب الشعبي الكبير بالقرار، يطرح مراقبون تساؤلات مشروعة حول مدى استدامة هذه التخفيضات، وهل هي بداية لاتجاه عام في السوق المحلي، أم مجرد استجابة تكتيكية لتحسن ظرفي في سعر الصرف قد لا يستمر طويلًا. فالتجربة اليمنية خلال السنوات الأخيرة أظهرت أن أي تحسن اقتصادي غير مدعوم بإصلاحات حقيقية وهيكلية يكون عابرًا وسريع الزوال.
وفي هذا السياق، سبق للمجموعة أن أبدت قلقها من فرض تسعيرات "غير واقعية" قد تضر بالمنتجين والمستوردين، مطالبة الحكومة والبنك المركزي بـ"توفير العملة الصعبة بسعر السوق السائد"، لتفادي أزمة تموينية جديدة قد تمتد لجميع المصنعين وتجار الجملة والتجزئة، وتنعكس سلبًا على المستهلك النهائي.
الرهان على الثقة.. والمستهلك يترقب
بيان المجموعة شدد على أن الهدف من إعادة التسعير هو "تحقيق مصلحة المستهلك" والحفاظ على استقرار السوق وتوافر السلع، في ظل ما وصفته بـ"الظروف الحساسة" التي تتطلب قرارات متوازنة ومدروسة من الجهات الرسمية. كما ناشدت المجموعة الجميع "عدم الانجرار خلف حملات الإثارة والتشكيك"، مؤكدة أن استراتيجيتها تهدف لتقوية الثقة بين المنتج والمستهلك وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
وفي حين ينتظر الشارع اليمني خطوات مماثلة من شركات كبرى أخرى في قطاعات الأدوية والمستلزمات المنزلية، يبقى التحدي الأكبر هو في ترسيخ هذا الاتجاه الإيجابي، وتفادي العودة إلى دوامة ارتفاع الأسعار مع أي انتكاسة جديدة في سوق الصرف.