أخبار

قناة الملك سلمان: مشروع سعودي بـ80 مليار دولار يربط الخليج ببحر العرب ويتحدى مضيق هرمز

في خطوة استثنائية تنسجم مع طموحات "رؤية السعودية 2030"، كشفت المملكة العربية السعودية عن مشروع ضخم يتمثل في إنشاء "قناة الملك سلمان" التي تهدف إلى ربط مياه الخليج العربي ببحر العرب مرورًا بصحراء الربع الخالي. هذا المشروع العملاق، الذي لا يزال في مراحله الأولى، يُعدّ من أكبر المبادرات الاستراتيجية التي قد تُحدث تحولًا جذريًا في البنية الاقتصادية والبيئية لمنطقة الخليج واليمن على حد سواء.

يمتد مشروع القناة على مسافة تقدر بـ950 كيلومترًا، منها 630 كيلومترًا داخل الأراضي السعودية، و320 كيلومترًا عبر الأراضي اليمنية. وتبلغ تكلفة المشروع المتوقعة نحو 80 مليار دولار، ويتضمن إنشاء ممر مائي بعرض 150 مترًا وعمق يصل إلى 25 مترًا، مما يجعله قابلًا لاستيعاب سفن الشحن والنفط الضخمة، ومهيّأً ليكون أحد أعمدة الملاحة الإقليمية في المستقبل.

من أبرز أهداف هذا المشروع تقليل الاعتماد الاستراتيجي على مضيق هرمز، الذي يُعدّ نقطة عبور حرجة لصادرات النفط والغاز الخليجي. وبفتح قناة بديلة تمتد مباشرة إلى بحر العرب، تُتيح المملكة إمكانية تأمين ممرات التجارة والطاقة، وتقليل المخاطر الجيوسياسية الناتجة عن التوترات المتكررة في الخليج. كما تمثل القناة دعمًا مباشرًا لتوجه السعودية في تنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للإيرادات.

إلى جانب الأهمية الجيوسياسية، تسعى السعودية من خلال قناة الملك سلمان إلى استصلاح مساحات واسعة من صحراء الربع الخالي، وتحويلها إلى واحات زراعية وصناعية وسياحية. حيث يُتوقع أن يتم إنشاء محطات ضخمة لتحلية المياه، وإدخال تقنيات الزراعة الحديثة، إلى جانب بناء مدن صناعية تعتمد على الطاقة المتجددة. وقد أُعلن عن خطط لإنشاء نحو 10 محطات طاقة نووية، و50 جيجاواط من الطاقة الشمسية، ما سيسهم في توفير المياه والطاقة لمناطق كانت حتى وقت قريب تُعتبر غير قابلة للتنمية.

من جهة أخرى، يبرز تحدٍ بيئي وجغرافي كبير يتمثل في تفاوت التضاريس بين السعودية واليمن. فبينما يبلغ أقصى ارتفاع في الأراضي السعودية نحو 300 متر فوق سطح البحر، تصل بعض المناطق اليمنية الواقعة على المسار المفترض للقناة إلى ارتفاعات تتجاوز 700 متر، مما يجعل عمليات الحفر والنقل المائي معقدة وتتطلب حلولاً هندسية غير تقليدية. كما يُتوقع أن يخضع المشروع لدراسات بيئية مكثفة لضمان الحد من تأثيراته على النظم البيئية الهشة في المنطقة.

ورغم التحديات، يرى خبراء التنمية والاقتصاد أن قناة الملك سلمان قد تكون أحد المحركات الكبرى للنمو في المنطقة، خصوصًا في حال توفير بيئة أمنية وسياسية مستقرة في اليمن، تسمح بإنجاز الجزء الجنوبي من المشروع بسلاسة. كما يُعوّل على أن تساهم هذه القناة في خلق عشرات الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة في مجالات البناء، الطاقة، الزراعة، والخدمات اللوجستية.

ومع تنامي الاهتمام الشعبي والإعلامي بالمشروع، تتصدر قناة الملك سلمان نتائج البحث في جوجل، خصوصًا مع ارتباطها بمواضيع حيوية مثل بدائل مضيق هرمز، الأمن المائي والغذائي، مشاريع تحلية المياه، التنمية المستدامة، والطاقة المتجددة في السعودية. كما أصبحت محورًا مهمًا في النقاشات الإقليمية حول مستقبل الملاحة والتجارة العالمية في ظل التوترات الجيوسياسية المستمرة.

وفي حال تنفيذه بنجاح، فإن مشروع قناة الملك سلمان لن يكون مجرد شريان مائي جديد، بل مشروعًا حضاريًا يعيد تشكيل الخارطة الاقتصادية والبيئية للمنطقة، ويجعل من صحراء الربع الخالي مركزًا للتنمية والطاقة والابتكار.

زر الذهاب إلى الأعلى