أخبار

سوريا على مفترق التحولات العسكرية: المعارضة تكتسح معاقل النظام وسط تصعيد متبادل.. تفاصيل أحداث اليوم

ترندي نيوز - خاص

في تحولات عسكرية غير مسبوقة، تمكنت فصائل المعارضة السورية المسلحة اليوم الأحد من تحقيق مكاسب ميدانية كبيرة على حساب النظام السوري بقيادة بشار الأسد، خصوصًا في حلب وإدلب وريف حماة، وسط تصعيد عسكري مكثف من الطرفين.

التطورات الأخيرة تأتي ضمن عمليات موسعة أطلقتها المعارضة، حملت تسميات لافتة مثل "ردع العدوان" و"فجر الحرية"، ما يعكس زخم الأحداث التي تشهدها سوريا بعد سنوات من الركود النسبي.

السيطرة على معامل الدفاع: ضربة استراتيجية للنظام

قال الخبير العسكري والاستراتيجي العقيد المتقاعد حاتم كريم الفلاحي إن سيطرة المعارضة السورية على معامل الدفاع في منطقة السفيرة بريف حلب تُعد إنجازاً استراتيجيًا كبيرًا. هذه المنشأة العسكرية التي تعد من أهم المواقع الدفاعية للنظام، تحتوي على معامل تصنيع وتخزين ذخائر وصواريخ، بما في ذلك صواريخ "سكود"، بالإضافة إلى مخازن ذخائر كيميائية.

وأشار الفلاحي، كما نقلت عنه الجزيرة، إلى أن هذه المنشأة كانت محصنة بشدة، إذ تم تأمينها بوضع كتيبتين للدفاع الجوي على قمتي جبلين جنوبي المنطقة. السيطرة عليها تمنح المعارضة قدرة لوجستية هائلة، قد تسهم في تعزيز عملياتها القتالية وتُظهر مستوى عاليًا من التنظيم والقدرة العسكرية لديها.

في السياق ذاته، تشهد ريف حماة تصعيدًا كبيرًا، حيث اندلعت مواجهات عنيفة بين المعارضة وقوات النظام، خاصة في محيط جبل زين العابدين، وهو موقع استراتيجي يفصل بين ريف حماة الشرقي والشمالي. بحسب الفلاحي، فإن تقدم المعارضة في هذه المنطقة يهدد مدينة حماة، مما دفع النظام إلى استقدام تعزيزات عسكرية، بما في ذلك الفرقة 25 المعروفة بفرقة المهام الخاصة، ودعم جوي مكثف من سوريا وروسيا.

عملية "ردع العدوان": مكاسب ميدانية واسعة

ضمن عملية "ردع العدوان"، حققت المعارضة السورية المسلحة تقدمًا سريعًا في حلب ومحيطها.

وتمكنت الفصائل من السيطرة على معظم مدينة حلب، بما يشمل المطار الدولي ومطارَي كويرس ومنغ العسكريين. كما أحرزت تقدمًا في محافظة إدلب، حيث أعلنت السيطرة الكاملة على المحافظة، التي كانت خاضعة جزئيًا لسيطرة النظام.

في تطور آخر، أعلنت المعارضة السيطرة على مدينة تل رفعت شمال حلب، التي كانت تحت سيطرة الوحدات الكردية لسنوات. ووصف قادة المعارضة هذه الخطوة بأنها تمهد لطرد القوات الكردية من مناطق شمال وشرق حلب ضمن عملية أطلق عليها الجيش الوطني السوري اسم "فجر الحرية".

 

تصعيد النظام وردود المعارضة

في مواجهة هذه المكاسب، كثّف النظام السوري وحليفه الروسي غاراتهما الجوية على معاقل المعارضة وخطوط إمدادها، ما أسفر عن مقتل العشرات، بينهم ناشطان إعلاميان بارزان. الغارات طالت مواقع مدنية، مثل المستشفيات والأسواق الشعبية، ما أدى إلى سقوط ضحايا بين المدنيين.

الرئيس السوري بشار الأسد توعد المعارضة بهزيمة حاسمة، مؤكداً أن "الإرهاب لا يفهم إلا لغة القوة". وفي الوقت ذاته، نقلت وسائل الإعلام الرسمية نفي دمشق لتقدم المعارضة في مدينة حماة، مشيرة إلى أن قواتها استعادت السيطرة على عدة مواقع في الريف الشمالي، مع وعود بهجوم مضاد لاستعادة ما فقدته.

 

دعم إقليمي ودولي للنظام

في ضوء التطورات، أكدت إيران دعمها "الحازم" للنظام السوري. فيهذا السياق، أوفدت طهران وزير خارجيتها عباس عراقجي إلى دمشق لإجراء مشاورات حول التصعيد.

كما تنسق إيران وروسيا، الداعمتان للأسد، مع تركيا، التي تدعم فصائل المعارضة، في محاولة لاحتواء الأوضاع المتدهورة.

 

الوضع الميداني في حلب وإدلب: تحول تاريخي

مدينة حلب، التي ظلت معقلًا للنظام منذ استعادتها نهاية عام 2016 بمساعدة روسيا وإيران، أصبحت الآن خارج سيطرته للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب.

سيطرة المعارضة على المدينة تشمل المناطق الكردية في الأحياء الشمالية مثل الشيخ مقصود والأشرفية، التي كانت خاضعة للوحدات الكردية المدعومة أمريكيًا.

وفي إدلب، أعلنت المعارضة استكمال السيطرة على الريف الجنوبي والشرقي للمحافظة، وهو تقدم يُعد الأكبر منذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرمته تركيا وروسيا عام 2020. هذا الاتفاق أدى إلى توقف المواجهات العسكرية الكبرى لعدة سنوات، قبل أن تعود الاشتباكات إلى الواجهة.

 

التداعيات الإنسانية والتصعيد الأعنف منذ سنوات

التصعيد الأخير يُعد الأكبر منذ خمس سنوات، وأدى إلى نزوح آلاف المدنيين. مصادر طبية في إدلب أفادت بمقتل وإصابة العشرات في غارات استهدفت أحياء ومخيمات للنازحين.

كما أسفرت الغارات المتكررة عن دمار كبير في البنية التحتية، مما يفاقم الأوضاع الإنسانية المتردية أصلًا في المنطقة. المعارضة المسلحة أكدت أنها ستعمل على إعادة النازحين إلى المناطق التي استعادتها، لكن تصعيد الغارات يعرقل هذه الجهود.

ما تشهده سوريا من تغييرات ميدانية قد يغير موازين القوى في الصراع المستمر منذ عام 2011. السيطرة الكاملة على حلب وإدلب وامتداد العمليات إلى حماة يعيد خلط الأوراق في الساحة السورية، خصوصًا مع دعم دولي منقسم بين روسيا وإيران من جهة، وتركيا من جهة أخرى.

ويعتمد النظام السوري بشكل كبير على الدعم الجوي الروسي والمليشيات الإيرانية، فيما تواصل المعارضة الاستفادة من الدعم التركي. لكن التصعيد الحالي قد يدفع الأطراف المتنازعة إلى مراجعة استراتيجياتها وربما التوصل إلى تسويات جديدة.

الخلاصة: تعكس الأحداث المتسارعة في سوريا تحولًا جذريًا في ديناميكيات الصراع، حيث تُظهر المعارضة قدرتها على تحقيق مكاسب ميدانية واسعة رغم الدعم الكبير الذي يتلقاه النظام من حلفائه. ومع استمرار التصعيد، تبقى الأسئلة مفتوحة حول قدرة المعارضة على الحفاظ على مكاسبها، وكيفية تعامل النظام مع هذه الخسائر الاستراتيجية.

كما أن التطورات الأخيرة تضع سوريا أمام مفترق طرق جديد، قد يؤدي إما إلى مرحلة جديدة من الصراع، أو يفتح الباب أمام تفاهمات إقليمية ودولية تعيد رسم خارطة النفوذ في البلاد.

المصدر: ترندي نيوز
زر الذهاب إلى الأعلى