كيف نربي أطفالًا يلعبون بلا شجار؟ استراتيجيات عملية لتعليم طفلك مهارات اللعب الجماعي
يعد تعليم الأطفال مهارات اللعب الجماعي من التحديات الشائعة التي تواجه الأمهات والآباء في السنوات الأولى. فكثيرًا ما يتحوّل وقت اللعب إلى ساحة صراخ أو عراك بسبب خلافات بسيطة على الألعاب أو الأدوار.
يؤكد الخبراء التربويون أن السلوك العدواني في اللعب ليس دليلاً على “طفل سيئ”، بل هو جزء طبيعي من نموه الاجتماعي والعاطفي. فالأطفال الصغار غالبًا لا يمتلكون المهارات اللفظية الكافية للتفاوض أو التعبير عن الغضب بشكل صحي، ما يدفعهم إلى الضرب أو الصراخ.
الخطوة الأولى: القواعد الواضحة قبل اللعب
توصي اختصاصية الإرشاد التربوي هالة عبد العال بوضع قواعد بسيطة وواضحة قبل أي لقاء لعب. تقول:
> "على الأهل أن يشرحوا لطفلهم القواعد بلغة يفهمها مثل: لا نضرب، ننتظر دورنا، نتشارك اللعبة."
إعداد الطفل مسبقًا بهذه التوجيهات يجعله أكثر قدرة على تذكرها عند التوتر.
التعبير بالكلمات بدل الأيدي
من بين أهم المهارات التي ينبغي تعليمها للطفل: استخدام الكلمات للتعبير عن الرغبة أو الرفض. ينصح المتخصصون الأهل بتدريب أبنائهم على جمل مثل:
"هل أستطيع اللعب؟"
"دوري الآن."
"توقف من فضلك."
هذه الجمل البسيطة تمنح الطفل أداة تفاوض تقلل من احتمالات الشجار.
أهمية لعب الأدوار في البيت
تشير العديد من الدراسات إلى أن لعب الأدوار مع الطفل في المنزل هو تدريب فعّال للغاية. يمكن للأهل تمثيل مشهد شجار متخيّل ثم تقديم البديل:
كيف نطلب اللعبة؟
كيف نرفض بهدوء؟
كيف ننتظر الدور؟
مثل هذه الأنشطة تساعد الطفل على تطوير مهارات حل المشكلات.
الإشراف القريب والمدح الفوري
يحذر خبراء التربية من ترك الأطفال الصغار دون إشراف في اللقاءات الأولى. على الأهل البقاء قريبين والتدخل بهدوء عند بوادر الخلاف. وفي المقابل، ينبغي مدح السلوك الإيجابي فورًا. تقول هالة عبد العال:
> "عندما يشارك طفلك لعبته أو ينتظر دوره، امدحه فورًا. هذا يعزز السلوك الجيد ويجعله أكثر ثباتًا."
اللعب المنظم وأهميته
يوصي الأخصائيون أيضًا بإشراك الطفل في ألعاب جماعية ذات قواعد واضحة، مثل ألعاب الطاولة أو الكرة. هذه الأنشطة تطور مهارات الانتظار والتعاون، وتدرب الطفل على احترام الأدوار.
نقاش ما بعد الموقف
بعد أي شجار، من المهم التحدث مع الطفل بهدوء. اسأله:
ماذا حدث؟
كيف شعرت؟
ماذا كان يمكنك أن تفعل بدل الضرب؟
يساعد هذا الحوار في تطوير وعي الطفل وتحليله لمشاعره، ويقلل من تكرار السلوك العدواني.
القدوة الأبوية عامل حاسم
يشدد الخبراء على أن الأطفال يتعلمون بالملاحظة. إذا رأوا والديهم يحلون خلافاتهم بالكلمات، سيحاكون هذا السلوك. لذا فإن أسلوب الأهل في التواصل هو أحد أهم عناصر بناء مهارات الطفل الاجتماعية.
التوصية الأخيرة: الصبر والمثابرة
يذكّر الأخصائيون الأهل بأن تعليم الطفل هذه المهارات يحتاج وقتًا. لا ينبغي توقع نتائج مثالية بين يوم وليلة، خاصة لدى الأطفال في عمر 3 إلى 5 سنوات.
في النهاية
اللعب الجماعي ليس مجرد تسلية، بل هو مدرسة مصغرة لتعلم المشاركة، ضبط النفس، والتفاوض. بتوجيه سليم وصبر وحب، يمكن للأهل تحويل شجار اللعب إلى فرصة تعليمية ثمينة، تمنح الطفل مهارات اجتماعية تدوم مدى الحياة.