حين يصبح القلق سجانًا: كيف يسرق الكورتيزول طاقتك ويعمق إرهاقك؟
الإجهاد والقلق المزمن لا يتركان بصماتهما على الحالة النفسية فحسب، بل يغيران كيمياء الجسم بالكامل. في صلب هذه التغييرات يقف هرمون الكورتيزول، الملقب بهرمون التوتر، الذي قد يتحول من آلية حماية إلى مصدر ضرر صامت ينهك الطاقة ويغذي القلق. فما الذي يحدث بالضبط؟ وكيف يمكن كسر هذه الحلقة المفرغة؟
الكورتيزول هو هرمون طبيعي تنتجه الغدة الكظرية استجابةً للتوتر الجسدي أو النفسي. في الأوقات الطبيعية، يساعد الكورتيزول في تنظيم ضغط الدم ومستويات السكر والطاقة اليومية. لكن في حالات التوتر المزمن، تبقى مستوياته مرتفعة لفترات طويلة، ما يؤدي إلى سلسلة من الآثار السلبية على صحة الإنسان.
الإجهاد الخفي: كيف ينهكك الكورتيزول؟ تشرح الدكتورة منى الجابري، أخصائية الطب النفسي، قائلة: "عندما يطول التوتر، لا يحصل الجسم على فرصة للعودة إلى حالة الراحة. يظل الكورتيزول مرتفعًا، ما يؤدي إلى إرهاق مستمر، قلق متزايد، صعوبة في النوم، وحتى ضعف في الجهاز المناعي".
تظهر الدراسات الحديثة أن الكورتيزول المرتفع قد يؤدي إلى:
انخفاض جودة النوم أو الأرق
التعب المستمر رغم الراحة
زيادة الوزن خصوصًا في منطقة البطن
ضعف الذاكرة والتركيز
تقلبات المزاج والقلق
بحسب مؤسسة Mayo Clinic الأمريكية، يرتبط التوتر المزمن بمشكلات صحية طويلة الأمد مثل أمراض القلب والسكري والاكتئاب.
قلق يغذي نفسه المثير للانتباه هو أن الكورتيزول والقلق يوجدان في حلقة مغلقة. القلق المزمن يرفع الكورتيزول، وارتفاع الكورتيزول بدوره يزيد الشعور بالقلق. هذا يجعل من الصعب على الأشخاص الخروج من دائرة الإجهاد، خاصة إذا تجاهلوا إدارة الضغوط اليومية.
علامات التحذير توصي الأكاديمية الأمريكية للطب النفسي بالانتباه إلى بعض الأعراض التحذيرية مثل:
تعب لا يزول بالنوم
الشعور الدائم بالعصبية أو القلق
ضعف التركيز أو النسيان
تغييرات في الشهية أو الوزن
اضطرابات في النوم
ما الحل؟ استراتيجيات كسر الحلقة يركز الأطباء وخبراء الصحة النفسية على ضرورة إدارة التوتر للسيطرة على مستويات الكورتيزول. ومن النصائح الفعالة:
ممارسة تمارين التنفس العميق أو التأمل
النشاط البدني المنتظم مثل المشي أو اليوغا
تنظيم جدول النوم وتجنب السهر المفرط
الحد من المنبهات مثل الكافيين
قضاء وقت في الطبيعة أو مع الأصدقاء
التحدث إلى مختص نفسي عند الحاجة
تقول الدكتورة الجابري: "ليس من العيب أن نطلب المساعدة. الوعي بمخاطر التوتر هو الخطوة الأولى نحو حماية الصحة الجسدية والنفسية".
في الختام، ارتفاع الكورتيزول ليس مجرد رقم مخبري، بل إنذار يخبرنا أن أجسادنا وعقولنا تحتاج إلى راحة وإعادة توازن. فإدارة التوتر ليست رفاهية، بل ضرورة للحفاظ على الصحة وجودة الحياة.
اقرا أيضا: خبير أمراض القلب يكشف عن أسباب التعب المستمر: هل هو مجرد إرهاق أم مشكلة صحية خطيرة؟