الاستثمارات السعودية تعود إلى دمشق.. برج الجوهرة يضيء العاصمة في أول منتدى اقتصادي منذ 13 عاماً
في زيارة رسمية للسعودية إلى دمشق، وضع وفد سعودى رفيع المستوى برئاسة وزير الاستثمار خالد الفالح، حجر الأساس لـبرج الجوهرة، في خطوة تعكس الانخراط المكثف في مرحلة إعادة إعمار سوريا عقب سنوات من الصراع.
وخلال المنتدى السعودي–السوري للاستثمار، الذي أُقيم بتوجيهات من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أعلن الفالح عن توقيع مجموعة من الاتفاقيات الاستثمارية بأكثر من 15 مليار ريال سعودي (ما يعادل 4 مليارات دولار)، ومن ضمنها إطلاق مشروع لمصنع الأسمنت الأبيض في مدينة عدرا الصناعية، يمثل أول خطوة صناعية بارزة ضمن العلاقات الاقتصادية الجديدة بين البلدين.
نقلة نوعية في الاستثمار السعودي–السوري
يُعد اجتماع المنتدى والتوقيع على هذه الاتفاقيات تعبيرًا صريحًا عن تحول في السياسة السعودية تجاه سوريا، في إطار مساعي الرياض لدعم إعادة الإعمار وفتح الباب أمام رؤوس الأموال الخليجية. ويأتي ذلك تماشيًا مع تصريحات وزير الخارجية السوري خلال منتدى دافوس بأن الاقتصاد السوري سيكون مفتوحًا للاستثمارات الأجنبية، في ظل شراكات مستقبلية محتملة مع دول الخليج والسماح بتدخل شركات كبرى في قطاعات الطاقة والبنية التحتية.
كما أن حضور نحو 120 مستثمراً سعودياً وسلسلة من اللقاءات المقررة ضمن جدول أعمال المنتدى يعكس جدية الشراكة الجديدة وسعي السعودية نحو تكثيف حضورها في السوق السوري، المليء بفرص غير مستغلة بعد سنوات الحرب والتدهور الاقتصادي.
خارطة المرحلة الأولى: من دمشق لإعادة الإعمار
– برج الجوهرة: يُعد أحد أبرز المشروعات المرتقبة في العاصمة دمشق، يُفترض أن يكون معلمًا تجاريًا وسياحيًا يرمز لعودة النشاط الاستثماري.
– مصنع إسمنت عدرا الأبيض: افتتاح هذا المعمل في مدينة عدرا الصناعية هو المشروع الأول من نوعه في سوريا، ويهدف لدعم قطاع البناء والإعمار في مرحلة ما بعد الحرب.
– منتدى الاستثمار السعودي–السوري: يضم سلسلة من ورش العمل واللقاءات الثنائية بين رجال الأعمال والمسؤولين، لتشجيع التعاون في قطاعات الطاقة، السياحة، النقل والخدمات اللوجستية.

ما الذي يجعل هذا الحدث علامة فارقة؟
على الرغم من التحديات التي تواجه البيئة الاستثمارية في سوريا—مثل العقوبات الدولية وعدم استقرار القوانين—إلا أن التسهيلات الجديدة، كإصدار تصاريح سفر خاصة للمستثمرين السعوديين إلى سوريا، تشير إلى فتح شامل وتحول دبلوماسي اقتصادي يعكس رغبة مشتركة في إعادة الربط بين الاقتصادين.
كما يلفت انتباه المراقبين أن سوريا ضمنتها شراكات مهمة مع دول خليجية مثل قطر والإمارات لعقود في الطاقة والموانئ، بينما تهدف السعودية وشركاؤها للتوسع في قطاعات متعددة، لتشييد بنية تحتية حديثة تسهم في جاذبية السوق السوري مجددًا.
أخيراً، بتدشين برج الجوهرة، وتأمين مشاريع صناعية مثل مصنع عدرا الأبيض، ووصول موفد سعودي يضم أكثر من 120 مستثمراً، كشفت السعودية عن مدى التزامها بإعادة إطلاق عجلة الاقتصاد السوري. هذه المبادرات تُعد إشارة قوية على أنه أمام علاقات اقتصادية جديدة، قد تشكّل نقطة انطلاق للانفتاح الاقتصادي الشامل في سوريا، يبقى السؤال: هل يستمر هذا الزخم ويؤدي إلى مزيد من المشاريع المشتركة مستقبلاً خاصة مع حرص السعودية على توطيد علاقتها الاستراتيجية مع سوريا الجديدة؟