جفاف غير مسبوق في بحيرة دربات بـظفار لأول مرة منذ 2011… ماذا وراء الأزمة؟
وثق مواطن عماني عبر مقطع فيديو نادر مشهد جفاف بحيرة دربات الشهيرة في محافظة ظفار، مشيرًا إلى أنها المرة الأولى التي يشهد فيها الوضع منذ عام 2011.
وفي الفيديو، استعرض المواطن بحزن تحول البحيرة من مسطحات مائية إلى أرض قاحلة تخلو من شلالاتها المائية التي كانت كل خريف تنسدل من التلال المحيطة إلى البركة الطبيعية.
يقول المواطن في المقطع: “منذ عام 2011، هذه أول مرة أشوف بحيرة جافة بهذه الطريقة... تتذكرون كيف كانت مياه الشلالات تنزل والقوارب في اليماه؟ سبحان من غيّر الأحوال.”
تقع بحيرة دربات ضمن وادي دربات، الذي يعد واحدًا من أبرز الوجهات الطبيعية في ظفار، حيث تجذب الزوار خلال موسم الخريف بفضل شلالات مياه "جعفر" الموسمية التي يمكن أن ترتفع إلى قرابة 100 متراً وتغذي بحيرات طبيعية بإطلالة ساحرة تمتد حتى خور روري ومنه إلى بحر العرب.
احتمالات الجفاف والأسباب
يفترض خبراء مناخ أن انخفاض معدلات الأمطار خلال موسم الخريف الماضي هو السبب الرئيسي وراء هذه الظاهرة. وتشير دراسات مناخية إلى أن سلطنة عمان، وخصوصًا أجزاء ظفار، تواجه فترات جفاف متزايدة بسبب تغير المناخ وقلة تساقط الأمطار الموسمية. ومما يعزز هذه التقديرات، توقف تدفق "شلالات جعفر" لعدة أعوام في السابق بسبب حفر سابقة ووهن في منابع المياه.
بيئيًا، يؤثر الجفاف على التنوع الحيوي في المنطقة التي تضم أشجار السدر والطيور المهاجرة والحيوانات البرية، أما سياحيًا، يؤدي غياب المياه إلى تأثير مباشر على النشاطات مثل الرحلات بالقوارب والمراقبة الطبيعية، ما ينعكس على اقتصاد السياحة التي تزدهر عادة خلال موسم الخريف.
وفي ظل الأزمة المتصاعدة، توصي الدراسات بوضع خطط لضبط الموارد المائية، مثل:
خطة استراتيجية وطنية لإدارة المياه تشمل تقنيات الري الحديث، والتحكم بالتسرب والاستخدام المستدام للطبقات الجوفية.
إعادة تأهيل مصادر المياه الطبيعية مثل الشلالات، ومنع الحفر العشوائي في الأودية الذي يعيق التصريف الطبيعي للمياه .
متابعة استمرارية المطر ومعدلات الجفاف عبر نماذج مناخية قائمة على الذكاء الاصطناعي لتحسين التخطيط المستقبلي لاستدامة الموارد .
ظاهرة جفاف بحيرة دربات لأول مرة منذ عقد دليل واضح على تحوّلات مناخية ملموسة تؤثر على البيئة والمجتمع في سلطنة عمان، وهي دعوة عاجلة لتفعيل رقابة وإدارة مستدامة للمياه، خاصة في الوديان الموسمية التي تمثل متنفسًا طبيعياً وسياحياً. ماكان شبه ثابت بات اليوم عرضة للتغيّر، وإذا لم تُعطَ الأولوية للمشروعات المستدامة، فقد نشهد تهالكاً بيئياً يطال الكثير من مرافق الحياة والغذاء والترفيه. جمهور الظفار وسواحها يحتاجون أكثر من مجرد جمال طبيعي، بل حماية واستدامة لهذا الجمال.