السعودية تحظر الهتافات في المشاعر المقدسة: تشديدات أمنية في حج 2025 لمنع الاستغلال السياسي
أصدرت وزارة الداخلية السعودية بيانًا رسميًا جاء فيه: "تُمنع الهتافات بكافة أشكالها في المشاعر المقدسة"، مؤكدةً أن الشعائر الدينية يجب أن تُؤدى بروح العبادة والخشوع، بعيدًا عن التسييس أو إثارة الفوضى، وهي خطوة تهدف إلى تعزيز الأمن والانضباط خلال موسم الحج لعام 2025.
خلفية القرار: حوادث سابقة أثارت القلق
يأتي هذا القرار في ظل تجارب سابقة شهدت خلالها المشاعر المقدسة مظاهر لا تعكس روح الحج، أبرزها ما حدث في سنوات سابقة من قبل بعض الحجاج الإيرانيين، الذين استغلوا وجودهم في مكة والمدينة لتنظيم مسيرات وهتافات سياسية أثناء أداء المناسك. ففي عام 1987، تحولت تظاهرة نظمها حجاج إيرانيون إلى صدامات مع قوات الأمن السعودية، ما أسفر عن مقتل 402 شخص، بينهم أكثر من 275 إيرانيًا، في واحدة من أكثر الحوادث دموية في تاريخ الحج الحديث.
كما سجّلت السلطات في الأعوام الماضية حالات محدودة لهتافات طائفية أطلقها حجاج موالون للحوثيين من اليمن، تركزت حول الشعار السياسي المعروف والذي أخذت فكرته من الشعار الإيراني وهو ما يعد منافي لروح فريضة الحج الروحية التي يجتمع حولها المسلمين في الحج.
الحج عبادة لا منصة سياسية
تؤكد السلطات السعودية أن الحج هو عبادة روحية سامية لا يجوز استخدامها كمنصة لنشر الرسائل السياسية أو الطائفية. وجاء في بيان للوزارة نشرته قناة "الإخبارية" السعودية "منع رفع الأعلام السياسية والمذهبية والهتافات بجميع أشكالها في المشاعر المقدسة".
وأوضحت في بيانات متواترة أنه تم نشر فرق من الأجهزة الأمنية في مكة والمشاعر المقدسة، إضافة إلى استخدام تقنيات مراقبة ذكية تشمل كاميرات حرارية وطائرات مسيرة لرصد أي تحركات غير معتادة.
تدابير أمنية متطورة لموسم 2025
في إطار الاستعدادات لموسم حج هذا العام، أعلنت وزارة الحج والعمرة أنها نسقت مع مئات البعثات دولية لضمان التزام الحجاج بالإجراءات النظامية، وتم اعتماد برنامج توعوي بلغ أكثر من 18 لغة لتحذير الحجاج من أي سلوك مخالف للتعليمات، بما في ذلك رفع الشعارات السياسية أو الهتافات.
كما كشف معلومات عن تشغيل أنظمة تحليل صوتي قادرة على رصد الكلمات المثيرة داخل الحشود، وهو ما يُعد نقلة نوعية في ضبط الأمن الاستباقي.
من جهته، صرّح الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس، الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، أن وحدة صف المسلمين من أهم مقاصد الحج، وأكد في خطب جمعة سابقة إنه ليس من تعظيم الشعائر أن تستبدل التلبية بهتافات تؤجج الصراعات، فالحج لله وحده، لا لحزب أو طائفة أو دولة.
حج آمن للجميع
تسعى المملكة العربية السعودية، باعتبارها الجهة المشرفة على تنظيم الحج، إلى توفير بيئة روحانية آمنة تسمح لأكثر من 2 مليون حاج هذا العام بأداء المناسك دون تشويش أو فوضى. ويبدو أن القرار الأخير بمنع الهتافات لا يندرج فقط تحت بند الإجراءات الأمنية، بل هو أيضًا تأكيد على أن قدسية الحج يجب أن تبقى بمنأى عن الصراعات السياسية والمذهبية التي تعصف ببعض دول المنطقة.
وبينما تستعد مكة المكرمة لاستقبال ضيوف الرحمن، تبقى الرسالة واضحة: الحج عبادة خالصة، لا مجال فيها للشعارات أو الاستقطاب، بل للوحدة والتسامح والسلام.