لماذا يزداد وزن النساء بعد الحمل؟ الأسباب العلمية وحلول عملية للأمهات الجدد
تواجه ملايين النساء حول العالم ظاهرة شائعة لكنها مقلقة وهي زيادة الوزن بعد الحمل والولادة. هذه المشكلة ليست مجرد مسألة تجميلية، بل قد ترتبط بصحة الأم الجسدية والنفسية وتؤثر على ثقتها بنفسها ونمط حياتها.
ورغم أن اكتساب الوزن أثناء الحمل أمر طبيعي تمامًا، إلا أن استمرار هذه الزيادة بعد الولادة يثير تساؤلات كثيرة. في هذا التقرير نرصد أبرز الأسباب الطبية والاجتماعية لهذه الظاهرة، ونستعرض أحدث التوصيات العلمية لمساعدة الأمهات الجدد على استعادة صحتهن ورشاقتهن.
التغيرات الهرمونية: المتهم الأول
خلال الحمل، يشهد جسم المرأة زيادة كبيرة في هرمونات مثل الإستروجين والبروجسترون، ما يؤدي إلى فتح الشهية وتخزين الدهون بكفاءة أكبر استعدادًا للرضاعة. هذه التغيرات لا تنتهي فور الولادة بل تستمر بعدها، مسببة بطئًا في الأيض وتغيرات في الشهية.
بحسب موقع Mayo Clinic الطبي، فإن التقلبات الهرمونية قد تؤثر أيضًا على المزاج والنوم، ما يزيد خطر اللجوء إلى الأكل العاطفي أو الوجبات عالية السعرات.
احتياطيات الرضاعة: دهون مخزنة طبيعيًا
أثناء الحمل، يقوم الجسم بتخزين الدهون في مناطق مثل البطن والفخذين والوركين لتكون مخزونًا طاقيًا لإنتاج الحليب لاحقًا. وهذه الآلية الطبيعية قد تجعل التخلص من الدهون صعبًا بعد الولادة، خاصة إذا لم تقترن الرضاعة بنظام غذائي متوازن.
وبينما تشير أبحاث إلى أن الرضاعة الطبيعية تساعد في حرق مئات السعرات يوميًا، إلا أن الكثيرات يجدن أن الشهية المفتوحة أثناء الرضاعة قد تعوض ذلك وأكثر.
قلة النشاط البدني: تحديات الأمومة المبكرة
بعد الولادة، يكون التركيز الأول على العناية بالرضيع، ما يحد من وقت الأم للرياضة أو حتى المشي المنتظم. إضافة إلى ذلك، تحتاج المرأة لفترة نقاهة بعد الولادة القيصرية أو الطبيعية، ما يؤخر العودة إلى النشاط.
وفق موقع Johns Hopkins Medicine، توصي التوجيهات الطبية ببدء النشاط الخفيف تدريجيًا بعد موافقة الطبيب، مع التشديد على أهمية الحركة البسيطة مثل المشي لتحفيز الدورة الدموية وتقليل زيادة الوزن.
تغيرات نفسية واجتماعية
لا يمكن إغفال دور الصحة النفسية. كثير من الأمهات يعانين من القلق أو الاكتئاب بعد الولادة، ما قد يدفعهن إلى الأكل المفرط أو تناول أطعمة غير صحية. قلة النوم بسبب رعاية المولود الليلي تزيد المشكلة تعقيدًا، إذ تؤثر في هرمونات الجوع والشبع.
من هنا تأتي أهمية دعم الأسرة والمجتمع، وتوفير بيئة صحية تشجع الأم على الاعتناء بنفسها.
احتباس السوائل والتغيرات الجسدية
أثناء الحمل، يزداد حجم الدم والسوائل في الجسم لدعم نمو الجنين. هذه السوائل قد لا تزول فورًا بعد الولادة، ما يسبب وزنًا زائدًا مؤقتًا. كما أن عضلات البطن قد تبقى متمددة وضعيفة لبعض الوقت، ما يمنح البطن مظهرًا بارزًا حتى بعد فقدان جزء من الوزن.
حلول عملية وتوصيات طبية
للتعامل مع هذه الزيادة في الوزن، ينصح الخبراء بـ:
اتباع نظام غذائي متوازن غني بالخضروات والفواكه والحبوب الكاملة
شرب الماء بانتظام وتقليل المشروبات السكرية
ممارسة النشاط البدني الخفيف مثل المشي أو اليوغا بعد موافقة الطبيب
طلب الدعم النفسي عند الحاجة وعدم الشعور بالذنب أو الضغط الزائد
تذكر أن الجسم يحتاج إلى وقت للتعافي، والتحلي بالصبر
زيادة الوزن بعد الحمل ليست مشكلة بسيطة ولا دليلًا على إهمال الأم لنفسها. إنها ظاهرة طبيعية معقدة، ناتجة عن التغيرات الهرمونية والفسيولوجية والنفسية التي ترافق هذه المرحلة المهمة من حياة المرأة. بالوعي والدعم والعناية الذاتية، يمكن للأمهات الجدد استعادة صحتهن ولياقتهن تدريجيًا وبأمان.