زيت الشذاب: علاج تقليدي يعود للأضواء في مواجهة آلام المفاصل
مع تزايد الاهتمام بالحلول الطبيعية وسط المخاوف المتصاعدة من الملوثات والمواد الكيميائية، عاد زيت الشذاب إلى الواجهة كأحد الخيارات الموروثة في الطب الشعبي لتخفيف آلام المفاصل والتشنجات العضلية. هذا الزيت العطري المستخلص من نبات الشذاب أو ما يعرف علميًا باسم Ruta graveolens، لطالما كان ركنًا ثابتًا في وصفات الجدات، لكنه اليوم موضع دراسة علمية جديدة تعيد تقييم إمكانياته الطبية.
عرف زيت الشذاب منذ قرون في الثقافات العربية والهندية واللاتينية، حيث استخدمه كبار السن لتدليك الركبتين والظهر وتقليل التيبس وتحسين الحركة. في الماضي، لم يكن هناك دليل علمي يدعم هذه الاستخدامات، لكن استمرار الاعتماد الشعبي عليه دفع الباحثين مؤخرًا إلى دراسة مكوناته وآثاره العلاجية المحتملة بشكل أكثر دقة.
يُستخرج زيت الشذاب من أوراق النبات عبر التقطير بالبخار، ويتميز برائحته النفاذة وتركيبته الغنية بمركّبات نشطة. من أبرز هذه المركّبات "الروتين"، وهو مضاد أكسدة معروف بخصائصه المضادة للالتهاب، إضافة إلى الأنثراكينونات والفوروكومارين التي تساهم في تهدئة التشنجات العضلية وتلطيف الألم.
بحسب مواقع طبية مثل WebMD وRxList، يحتوي زيت الشذاب على خصائص مضادة للبكتيريا والالتهاب، ما يجعله مرشحًا للاستخدام الموضعي في حالات مثل التهاب المفاصل. وتشير الأبحاث الأولية إلى قدرته على خفض نشاط الإنزيمات المسببة للالتهاب مثل COX-2، الأمر الذي يساهم في تقليل التورم والاحمرار المرتبطين بحالات مثل التهاب المفاصل الروماتويدي وهشاشة العظام.
ويُستخدم زيت الشذاب أيضًا كمسكّن موضعي للألم الناتج عن إصابات المفاصل والعضلات مثل الالتواءات والتقلصات، بفضل تأثيره في مستقبلات الألم الجلدية. إلى جانب ذلك، يساعد التدليك المنتظم بزيت الشذاب الدافئ في تنشيط الدورة الدموية وتحفيز عملية التعافي وتقليل التيبس العضلي، خاصة إذا اقترن بالحرارة الموضعية. كما يشتهر الزيت بقدرته على تخفيف الشدّ العضلي المحيط بالمفاصل من خلال إرخاء العضلات وتقليل الإجهاد، ما يسهم في تحسين الحركة وتقليل الألم.
لكن على الرغم من فوائده المحتملة، يحذر الأطباء من الاستخدام غير المدروس لهذا الزيت. فزيت الشذاب غير آمن للاستخدام الداخلي، إذ قد يسبب سمية عالية عند تناوله عن طريق الفم. كما أنه غير مناسب للحوامل لاحتمال تسببه في انقباضات رحمية قد تؤدي إلى الإجهاض.
عند استخدامه موضعيًا، يُوصى بخلطه مع زيت ناقل مثل زيت الزيتون أو جوز الهند لتقليل خطر تهيج الجلد. وتُنصح الطريقة الآمنة بتدليك المنطقة المصابة بلطف لمدة 5 إلى 10 دقائق مرة أو مرتين يوميًا، مع ضرورة اختبار الزيت على مساحة صغيرة من الجلد أولًا للتأكد من عدم وجود تحسس. كذلك، يجب تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس بعد استخدام الزيت، بسبب مركباته التي قد تزيد من حساسية الجلد وخطر الحروق الشمسية.
ورغم أن الدراسات السريرية الواسعة حول زيت الشذاب لا تزال محدودة، فإن إشارات الطب البديل والتجارب الأولية تضعه ضمن قائمة الخيارات الواعدة في إطار الطب التكميلي. يظل زيت الشذاب خيارًا إضافيًا وليس بديلاً للعلاج الطبي التقليدي، ويُنصح دومًا باستشارة الطبيب قبل اعتماده كجزء من خطة علاجية لأي حالة مزمنة.