قناع الحب السام: كيف تُدمر الأم النرجسية أسرتها من الداخل؟
في الوقت الذي يُفترض فيه أن تكون الأم مصدر الأمان والدعم غير المشروط، تبرز في بعض البيوت شخصية مختلفة تمامًا: الأم النرجسية. خلف قناع الحنان الظاهري، تُمارس هذه الأم سلوكيات تؤذي أسرتها نفسيًا وعاطفيًا، وتترك أثرًا عميقًا في نفوس أطفالها يستمر مدى الحياة.
من هي الأم النرجسية؟
الأم النرجسية ليست مجرد أم "صارمة" أو "شخصية قوية"، بل هي من تعاني من ميول أو اضطراب في الشخصية يُعرف بـ"النرجسية"، حيث تكون محورها الأول والأخير هو ذاتها، وتفتقر إلى التعاطف الحقيقي مع الآخرين، حتى أطفالها.
تسعى باستمرار للسيطرة، تهمش مشاعر الآخرين، وتبحث عن التقدير الدائم. في نظرها، الأبناء ليسوا أفرادًا مستقلين بل امتداد لصورتها، وعليهم أن يخضعوا لرغباتها دون نقاش.
الوجه الخفي داخل البيت
لا يظهر سلوك الأم النرجسية دائمًا للغرباء، بل غالبًا ما تكون مثالية أمام الآخرين، لكن داخل المنزل، تمارس ضغوطًا نفسية مستمرة على الأبناء:
تسخر من أحلامهم ومشاعرهم.
تستخدم الذنب وسيلة للسيطرة.
تسلبهم حقهم في اتخاذ القرار.
تنافس بناتها على المظهر أو الاهتمام.
وتبدو الضحية دائمًا، حتى لو كانت هي من تؤذي. هذه السلوكيات تخلق بيئة سامة داخل الأسرة يصعب فيها الشعور بالراحة أو الأمان.
ضحايا في عمر الطفولة
تؤكد دراسات نفسية أن الأطفال الذين ينشأون مع أم نرجسية غالبًا ما يعانون من:
تدني احترام الذات والشعور الدائم بالذنب.
القلق المزمن والاكتئاب.
صعوبات في العلاقات الاجتماعية لاحقًا.
كما أن الأسرة كلها تصبح ساحة صراعات، حيث قد يتم تهميش دور الأب أو تفكيك الروابط بين الإخوة، بسبب سياسة "فرق تسد" التي تمارسها الأم النرجسية للحصول على مزيد من التحكم.
ماذا يمكن أن يُفعل؟
الخطوة الأولى دائمًا هي الوعي. على الأبناء أن يدركوا أن مشكلتهم ليست فيهم، بل في السلوك المؤذي الذي تعرضوا له. ثم تأتي الخطوات الأهم:
رسم حدود واضحة للعلاقة.
طلب الدعم من مختص نفسي.
كسر دائرة الصمت داخل الأسرة.
وإن كان التعامل مع أم نرجسية مؤلمًا، إلا أن التعافي ممكن، خاصة حين يبدأ الفرد في بناء احترامه لذاته من جديد، ويُدرك أن الحب المشروط ليس حبًا حقيقيًا.