أسعار النفط تهبط وسط ضباب المفاوضات التجارية والنووية... والأسواق تترقب بحذر
شهدت أسواق الطاقة العالمية تراجعاً ملحوظاً في أسعار النفط يوم الأربعاء، في ظل حالة من الترقب والحذر تسود المستثمرين بشأن مستقبل المفاوضات بين القوى الكبرى، وسط اضطرابات سياسية وتجارية ترسم مشهداً اقتصادياً غامضاً.
انخفاض حاد في الأسعار
انخفضت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 1.03 دولار (1.66%) لتستقر عند 61.12 دولار للبرميل، في حين تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بمقدار 1.02 دولار (1.73%) ليغلق عند 58.07 دولار للبرميل.
شكوك حول محادثات واشنطن وبكين
ويأتي هذا التراجع في وقت يترقّب فيه المستثمرون اجتماعاً محتملاً بين الولايات المتحدة والصين في سويسرا، قد يشكل بداية لحلحلة الحرب التجارية التي أثقلت كاهل الاقتصاد العالمي، لكنها لا تزال بعيدة عن الوصول إلى انفراجة حقيقية.
وحذّر محلل الأسواق في "أكسي"، تياغو دوارتي، من المبالغة في التفاؤل قائلاً: "ما لم تقدم الصين تنازلات حقيقية، فإن احتمالات التهدئة تبقى محدودة". وأضاف أن الرسوم الجمركية المتبادلة تجاوزت حاجز الـ100%، مما يزيد من تعقيد أي اتفاق محتمل.
إيران والنفط... مفترق طرق
على الجبهة الجيوسياسية، برزت بوادر إيجابية حذرة بشأن ملف إيران النووي، حيث وصف نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس المفاوضات مع طهران بأنها "مشجعة"، وسط حديث عن احتمال إعادة دمج إيران في الاقتصاد العالمي مقابل التزامات بعدم تطوير سلاح نووي.
لكن استمرار الضغط الأميركي عبر العقوبات، خاصة على صادرات النفط الإيراني، يُبقي المشهد غامضاً. وقال المحلل في "برايس فيوتشرز"، فيل فلين، إن هناك مؤشرات على إمكان رفع بعض العقوبات، ما قد يغير موازين السوق في حال تأكيده.
الاحتياطي الفيدرالي يثبت الفائدة... والضبابية مستمرة
في السياق ذاته، ثبت مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة، لكنه أشار إلى مخاوف من ارتفاع التضخم وزيادة البطالة، ما يزيد من الضغوط الاقتصادية ويجعل قرارات السياسة النقدية القادمة أكثر صعوبة.
ورغم هذه الأجواء القاتمة، أظهرت بيانات حكومية تراجع مخزونات النفط الأميركية بمقدار مليوني برميل، لتصل إلى 438.4 مليون برميل، وهو انخفاض فاق التوقعات.
الشرق الأوسط... مصدر دائم للتقلبات
وفي الخلفية، تستمر التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، حيث قال المحلل في "بي في إم"، تاماس فارغا، إن الصراع بين إسرائيل والحوثيين يضيف المزيد من المخاطر، إلى جانب الزيادات غير المتوقعة في إنتاج أوبك+.
وأشار فارغا إلى أن السوق قد تشهد تقلبات حادة في الأسابيع المقبلة، في ظل غياب رؤية واضحة من صناع القرار في واشنطن، واستمرار حالة عدم اليقين حول مستقبل الإمدادات والأسعار.
تبدو أسواق النفط عالقة بين ضغوط الجغرافيا السياسية ومخاوف الاقتصاد الكلي. وبينما تحاول واشنطن وبكين تهدئة حربهما التجارية، وتدير إيران مفاوضاتها النووية، تبقى أسعار النفط مرآة تعكس كل هذه التوترات... حتى إشعار آخر.